أصحاب السبت

قال الله تعالى، في سورة " الأعراف"

" وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي
السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا
يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ
أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا
الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ
بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ
(163-166) قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ.

وقال تعالى في سورة " البقرة": وَلَقَدْعَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا
قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا
(65) خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ

القصة

حدثت القصة في قرية ساحلية اسمها آيلة

وبما انها على الساحل، كان صيد الأسماك هو
عمل سكانها الأساسي ومصدر رزقهم

أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود وهم سكان هذه قرية

يوم السبت يعتبر اليوم المقدس عند اليهود (مثل يوم الجمعة عند المسلمين حيث تكون فيه صلاة الجمعة وفيه ساعة
استجابة للدعاء) وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله

فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة
والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة

وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله

فابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الأسماك تأتي يوم السبت للساحل، ومن كثرتها يراهم أهل القرية بسهولة وهم يقفزون
على سطح الماء (كما ترى أشرعة القوارب فالبحر)، بحيث يسهل صيده

ولكنها تختفي بقية أيام الأسبوع. فلم يستطع اهل القرية الحصول على أي صيد

وبعد فترة من الالتزام بأمرالله سبحانه وتعالى، لم يستطع أحد اليهود الصبر على هذا الاختبار وقرر أن يتبع
طريقة للحصول على الأسماك (اعتقادا منه انه قادر على خداع الله تعالى) فكان يرمي
الشباك يوم السبت فتتجمع فيها الاسماك ولكنه لا يأخذها الا اليوم التالي. حتى
انتبه اهل القرية لرائحة السمك في بيته بينما كانوا هم لا يستطيعون الحصول عليها، وعندما
سألوه أنكر عدة مرات أن يكون عنده سمك، ولكنه بالنهاية اعترف لهم بطريقته

وهنا انقسم أهل القرية لثلاث فرق

الأولى قلدته وبدأت باتخاذ أساليب الاحتيال للحصول على الأسماك التي تظهر يوم السبت بطرق مختلفة، مثل إقامة
الحفر والحواجز ليتجمع السمك فيها ثم يأخذونه باليوم التالي

والثانية فرقة متمسكة بأمر الله فلا تعصيه ولا تصطاد يوم السبت، وتأمر الفرقة الأولى بالمعروف وتنهاهم عن المنكر
وتحذّر المخالفين من غضب الله

والثالثة كانت لا تشاركهم في المعصية ولا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المنكر. كما كانت هذه الفرقة تتجادل مع
الفرقة الثانية الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم
لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصيبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا فائدة من
تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته

وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المنكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف
وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد
هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم

واستمرالأمر هكذا وهم لم يمتنعوا عن عصيانهم بل استكبروا وأصروا عليه، ولم يتعظوا من نصح
الفرقة الثانية لهم حتى حان أمر الله وحل عقابه لهم

جاء يوم استيقظ أهل الفرقة الثانية فوجدوا هدوءا غريبا بالقرية، وكأنها أصبحت خالية. وخرجوا من بيوتهم لمعرفة
السبب فلم يجدوا أحدا من أصحاب الفرقة الأولى العاصية، فذهبوا الى بيوتهم فوجدوا
الأبواب والنوافذ مغلقة، فقاموا بمحاولة النظر لداخل البيوت لمعرفة سبب عدم خروجهم
ذلك اليوم وكانت المفاجأة، لم يجدوا سوى قردة داخل بيوتهم. ففتحوا الأبواب وكانوا
يسألون القردة هل أنت فلان وكان القرد يومئ رأسه بالإيجاب كذلك سألوهم ألم ننهكم!
فيقول برأسه نعم

لقد مسخهم الله الى قردة عقابا لهم على استكبارهم واستخفافهم بأمر الله عز وجل. وعندما خرجت هذه القردة من بيوتها
قضى الله عليهم جميعا فماتوا وكانت هذه نهاية الفرقة الأولى العاصية.

أهانهم الله بمسخهم الى قردة قبل القضاء عليهم وذلك لعظم ذنبهم واستخفافهم بالله تعالى

أما الفرقة الثانية المطيعةلأمر الله والتي كانت تنصحهم وتنهاهم عن معصيتهم فقد أكرمهم الله تعالى ونجاهم

أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر، وسكتت عنه وكأنه أمر لا يعنيهم، بالإضافة الى
أنهم قرروا أن العاصين لن يتوقفوا وأن الله لن يغفر لهم ان استجابوا للنصح وتابوا
عاملهم الله بما يناسبهم فسكت عن مصيرهم وأهملهم ولم يذكرهم بالنصّ القرآني.

يقول
سيّد قطب رحمه الله

ربما تهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي، ووقفت عند حدود الإنكار
السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب

ماذا استفيد من قصة أصحاب السبت؟

الحذرمن اتباع المخالفين لشرع الله مهما كانت حجتهم قوية

الحذرمن الوقوعِ في المعاصي والذنوبِ، والحذر من التحايل على الشرعِ الحنيفِ

ان الاستسلام لأمرِ الله -عزَّ وجلَّ- وشرعه أساس الحياة

ان ادرك أنَّ الاستسلام لله ولكلِّ ما أمرَ وما نهى عنه سببٌ من أسبابِ الحصولِ على سعادة الدارينِ

إنَّ الإعراضَ عن أمرِ الله -عزَّ وجلَّ- سببٌ من أسباب هلاكِ الأممِ وخسرانهم الخسرانَ المبين

إنَّ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ سبب من أسباب نجاةِ المسلمِ من الهلاكِ

إنَّ من باع دينه بالدنيا فقد خاب وخسر

Living Life

How It Is Meant To Be

Understanding is the Way to truly Believe

Let us Start Together